الأحد، 28 يوليو 2019

مشروعُ رجلْ

مشروعُ رجلْ


نص تجريبي
مشروعُ رجلْ
أتشعرُ أنّك مرهقٌ جداً يا فتى؟ متعبٌ من كلّ شيءٍ، وساخطٌ على كلّ شيءْ، تبدُو لِي كذلك، وعيناكَ الضيّقتانِ، تزيدانِ من حدّتكْ، كلّما اكتملتْ تلكَ العقدةُ الّتي تعلُو وجهكْ.
اهدأ، فأنا أستطيعُ أنْ أتفهّم غضبكْ ونقمتكَ على الحياةِ كلّها، وأنتَ تجلسُ كلّ صّباحٍ في هذهِ الزاويةِ المعتمةِ منْ هذا الكوكبِ المقفرِ، تنتظرُ منْ يمرُّ من هُنا راغباً في مسحِ حذائهِ.
تشعرُ بالخجلْ أليسَ كذلك؟ أو ربّما تشعرُ أنّك مطحونٌ في ركنٍ منسيٍ من هذا الكونْ، تشعرُ بالرّغبةِ في البكاءْ، كلّما ناولكَ أحدهمْ نظيرَ عملكْ، أنا أفهمكْ حقاً، لكنّي أفهمُ أيضاً أنّنا لا نختارُ ما نحنُ عليهْ، بينما نستطيعُ تغييرهُ بأيدينا مسْتقبلاً، أنتَ تبْنِي نفسكْ، فلا تسْتهنْ بكلّ الّذي تقُومْ به الآن.
غداً حينَ ستكبرْ، ستدركُ أنّك قدْ صقلتَ الرّجولة فيكَ مبكراً جداً، وأنّ الطّفولةَ الّتي حُرمتَ جنّتها، ستعوّضُ برجولةٍ مكتملةٍ وقادرةٍ على مواجهةِ صُعوباتِ الحياة، أنتَ تصنعُ من نفسكَ الآن رجلاً، وقليلُون جداً همُ الرجالُ على هذا الكوكبْ.
يا صّغيرِي، لا تخجلْ منْ نفسكْ أبداً، فأنتَ الآن درسٌ للعالمِ كلّه.
أنتَ درسٌ للعالمِ أجمعْ.
شعبية بطل مهووس

شعبية بطل مهووس



نص تجريبي
بطلْ
عادَ لتوّهِ من الجّبهة، يبدُو تعباً مرهقاً بعض الّشيءْ، هزيلاً فقد كانَ قبلَ سفرهِ مكتملاً، شيءٌ منْ زرقةِ عينيهِ مالَ إلى السّوادْ، وشعرهُ الأشقر الجميلْ لمْ يعدْ تماماً كذلك، غابتْ ضحكتهُ الجميلةُ الآسرة، وحضرتْ مكانها ابتسامةٌ خافتةٌ على شفيرِ الحزنْ، سألهُ ابنُ أخيهِ الطّفلُ ذو السابعة، عمّي: يقُولُ أبّي إنّك بطلٌ، وأنا أخبرتُ عنكَ كلّ أصدِقائِي، وجعلتُ الجميعَ يرى صورتكَ بالبزّة العسكرية، نحنُ فخُورونَ بكْ، وأنا أريدُ أنْ أصبحَ مثلك حين أكبرْ.
جيمسْ لمْ يستطعْ أن يفرحَ بكلامِ الصّغيرْ، خانتهُ دمُوعهْ، أختنقَ في صدرهِ كلّ الكلامْ، تراجَع قليلاً إلى الوراءْ، أسندَ ظهرهُ إلى الحائطْ، وراح يتمتمْ:
أنا بطلْ؟ كمْ كذبةً بعدُ سنكذبُ على أطفالنا، ونحنُ أنفسنا لسنا نصّدقْ؟
بطلٌ يحتلُّ أرضاً، ويعُودُ إلى أهلهِ، بعدَ أنْ يكونَ قدْ قتلَ أهلَ أطفالٍ أخرينْ.
العادات هي أساس الحياة

العادات هي أساس الحياة


نص تجريبي
حياةْ
نظرَ إليّ مطوّلاً، كانَ في عينيهِ كلامٌ كثيرٌ، لكنّه فجأةً توقّفْ، اختنقَ الحديثُ في حلقه، غصّة بدتْ لي ظاهرةً للعينْ، سألتهُ ودمعةٌ ما رأيتها تسلّلتْ على غيرٍ موعدٍ.
أنتَ ذاهبٌ، أليسَ كذلك؟
رفعَ عينيهِ إلَى السّماءْ وقالْ لي: إنّهم يَطلبوننِي كيْ ألتحقَ بهمْ، ألاَ تسمعينَ صوْتهمْ يا سّلمى، ألا تسمعينْ؟
كان بيديهِ كوفيّةُ جهادْ، وضعها بيدِي وقالَ لي: إنْ لمْ أعدْ، أخبِري جدّتِي أنّي رجلٌ كما أرادتْ لي أن أكونْ.
مشى خطوةً، خُطوتينْ، ثلاثُ خطوّاتْ، أربعٌ، خمسٌ، عشرْ. صارَ أمامَ الحاجزِ تماماً.
كانَ أمام الحاجزٍ، وفي لحظةٍ لمْ يعدْ موجوداً، لمْ يعُدْ إلاّ نّاراً أحرقتْ كلّ شيءٍ كان هناكْ.
ادا لم يكن للعلم وطن فان للعالم وطن

ادا لم يكن للعلم وطن فان للعالم وطن


نص تجريبي
وطنْ
وقفتُ علَى عتبَةِ العمرِ للحظةٍ. سألتُ نفْسِي منْ أكونْ؟
بعدَ كلّ هذا الوقْتِ الّذي مضى، وأنا أقلّبُ صفحاتِ الماضِي صفحةً صفحةً، وجدتُ نفْسِي جالساً على معقدٍ في مطارٍ، أقلّبُ صفحاتِ الجوازْ.
كنت جالسا أنتظرُ أنْ أسمعَ ذلكَ الصوتَ الّذي يأتينَا ليخْبرنَا بقربِ إقلاعِ الطّائرة، كنتُ كمريضٍ خرج لتوّه من عمليّة صعبَةٍ معقّدةٍ، يهْذِي باسمِ الحياةْ.
أينَ أنا، وما هذاَ الجّنونُ الّذي يجْتاحُنِي فجأةً؟ ما هذا الّذي أفعلهُ؟
ماذا حلّ بذلكَ المهنْدسِ النّاجحِ الّذي عاشَ عمرهُ بينَ مكتبهِ البسيطِ، وبيتهِ؟ ماذا حلّ بعالمِهِ الّذي بنّاهُ لنفْسه؟
كانَ هذياناً، وجنُوناً، وحلماً لمْ أدركَ حجمَ الواقعِ منه، لذلكَ تركتهُ يسْتمرُّ، لعلّي أستيقظُ فجأةً لأدركَ ما الذي حدثْ.
"أيّها الركّابُ الأعزّاءْ، اسْتعدّوا للهبوطْ".
فتحتُ عيْني. أنا قدْ أصبحتُ على بعدِ سلّمٍ منْ الجزائرْ، أحملُ معِي طفولةً مكسُورةً، وذاكرةً خاليَةً، وشوقاً لأنْ أضمّ هذهِ الأرضَ أخيراً.
خادم رجل ذكي

خادم رجل ذكي


نص تجريبي
مشروعُ رجلْ
أتشعرُ أنّك مرهقٌ جداً يا فتى؟ متعبٌ من كلّ شيءٍ، وساخطٌ على كلّ شيءْ، تبدُو لِي كذلك، وعيناكَ الضيّقتانِ، تزيدانِ من حدّتكْ، كلّما اكتملتْ تلكَ العقدةُ الّتي تعلُو وجهكْ.
اهدأ، فأنا أستطيعُ أنْ أتفهّم غضبكْ ونقمتكَ على الحياةِ كلّها، وأنتَ تجلسُ كلّ صّباحٍ في هذهِ الزاويةِ المعتمةِ منْ هذا الكوكبِ المقفرِ، تنتظرُ منْ يمرُّ من هُنا راغباً في مسحِ حذائهِ.
تشعرُ بالخجلْ أليسَ كذلك؟ أو ربّما تشعرُ أنّك مطحونٌ في ركنٍ منسيٍ من هذا الكونْ، تشعرُ بالرّغبةِ في البكاءْ، كلّما ناولكَ أحدهمْ نظيرَ عملكْ، أنا أفهمكْ حقاً، لكنّي أفهمُ أيضاً أنّنا لا نختارُ ما نحنُ عليهْ، بينما نستطيعُ تغييرهُ بأيدينا مسْتقبلاً، أنتَ تبْنِي نفسكْ، فلا تسْتهنْ بكلّ الّذي تقُومْ به الآن.
غداً حينَ ستكبرْ، ستدركُ أنّك قدْ صقلتَ الرّجولة فيكَ مبكراً جداً، وأنّ الطّفولةَ الّتي حُرمتَ جنّتها، ستعوّضُ برجولةٍ مكتملةٍ وقادرةٍ على مواجهةِ صُعوباتِ الحياة، أنتَ تصنعُ من نفسكَ الآن رجلاً، وقليلُون جداً همُ الرجالُ على هذا الكوكبْ.
يا صّغيرِي، لا تخجلْ منْ نفسكْ أبداً، فأنتَ الآن درسٌ للعالمِ كلّه.
أنتَ درسٌ للعالمِ أجمعْ.

كل شخص هو بالضرورة بطل


نص تجريبي
بطلْ
عادَ لتوّهِ من الجّبهة، يبدُو تعباً مرهقاً بعض الّشيءْ، هزيلاً فقد كانَ قبلَ سفرهِ مكتملاً، شيءٌ منْ زرقةِ عينيهِ مالَ إلى السّوادْ، وشعرهُ الأشقر الجميلْ لمْ يعدْ تماماً كذلك، غابتْ ضحكتهُ الجميلةُ الآسرة، وحضرتْ مكانها ابتسامةٌ خافتةٌ على شفيرِ الحزنْ، سألهُ ابنُ أخيهِ الطّفلُ ذو السابعة، عمّي: يقُولُ أبّي إنّك بطلٌ، وأنا أخبرتُ عنكَ كلّ أصدِقائِي، وجعلتُ الجميعَ يرى صورتكَ بالبزّة العسكرية، نحنُ فخُورونَ بكْ، وأنا أريدُ أنْ أصبحَ مثلك حين أكبرْ.
جيمسْ لمْ يستطعْ أن يفرحَ بكلامِ الصّغيرْ، خانتهُ دمُوعهْ، أختنقَ في صدرهِ كلّ الكلامْ، تراجَع قليلاً إلى الوراءْ، أسندَ ظهرهُ إلى الحائطْ، وراح يتمتمْ:
أنا بطلْ؟ كمْ كذبةً بعدُ سنكذبُ على أطفالنا، ونحنُ أنفسنا لسنا نصّدقْ؟
بطلٌ يحتلُّ أرضاً، ويعُودُ إلى أهلهِ، بعدَ أنْ يكونَ قدْ قتلَ أهلَ أطفالٍ أخرينْ.
لا شيء يجعلنا كباراً كالتّجربة

لا شيء يجعلنا كباراً كالتّجربة


نص تجريبي
حياةْ
نظرَ إليّ مطوّلاً، كانَ في عينيهِ كلامٌ كثيرٌ، لكنّه فجأةً توقّفْ، اختنقَ الحديثُ في حلقه، غصّة بدتْ لي ظاهرةً للعينْ، سألتهُ ودمعةٌ ما رأيتها تسلّلتْ على غيرٍ موعدٍ.
أنتَ ذاهبٌ، أليسَ كذلك؟
رفعَ عينيهِ إلَى السّماءْ وقالْ لي: إنّهم يَطلبوننِي كيْ ألتحقَ بهمْ، ألاَ تسمعينَ صوْتهمْ يا سّلمى، ألا تسمعينْ؟
كان بيديهِ كوفيّةُ جهادْ، وضعها بيدِي وقالَ لي: إنْ لمْ أعدْ، أخبِري جدّتِي أنّي رجلٌ كما أرادتْ لي أن أكونْ.
مشى خطوةً، خُطوتينْ، ثلاثُ خطوّاتْ، أربعٌ، خمسٌ، عشرْ. صارَ أمامَ الحاجزِ تماماً.
كانَ أمام الحاجزٍ، وفي لحظةٍ لمْ يعدْ موجوداً، لمْ يعُدْ إلاّ نّاراً أحرقتْ كلّ شيءٍ كان هناكْ.
الإنسان في نهاية الأمر قضية

الإنسان في نهاية الأمر قضية

نص تجريبي
وطنْ
وقفتُ علَى عتبَةِ العمرِ للحظةٍ. سألتُ نفْسِي منْ أكونْ؟
بعدَ كلّ هذا الوقْتِ الّذي مضى، وأنا أقلّبُ صفحاتِ الماضِي صفحةً صفحةً، وجدتُ نفْسِي جالساً على معقدٍ في مطارٍ، أقلّبُ صفحاتِ الجوازْ.
كنت جالسا أنتظرُ أنْ أسمعَ ذلكَ الصوتَ الّذي يأتينَا ليخْبرنَا بقربِ إقلاعِ الطّائرة، كنتُ كمريضٍ خرج لتوّه من عمليّة صعبَةٍ معقّدةٍ، يهْذِي باسمِ الحياةْ.
أينَ أنا، وما هذاَ الجّنونُ الّذي يجْتاحُنِي فجأةً؟ ما هذا الّذي أفعلهُ؟
ماذا حلّ بذلكَ المهنْدسِ النّاجحِ الّذي عاشَ عمرهُ بينَ مكتبهِ البسيطِ، وبيتهِ؟ ماذا حلّ بعالمِهِ الّذي بنّاهُ لنفْسه؟
كانَ هذياناً، وجنُوناً، وحلماً لمْ أدركَ حجمَ الواقعِ منه، لذلكَ تركتهُ يسْتمرُّ، لعلّي أستيقظُ فجأةً لأدركَ ما الذي حدثْ.
"أيّها الركّابُ الأعزّاءْ، اسْتعدّوا للهبوطْ".
فتحتُ عيْني. أنا قدْ أصبحتُ على بعدِ سلّمٍ منْ الجزائرْ، أحملُ معِي طفولةً مكسُورةً، وذاكرةً خاليَةً، وشوقاً لأنْ أضمّ هذهِ الأرضَ أخيراً.